السبت، 23 فبراير 2013

الحب ما بين الوهم و الحقيقة


و هم جميل كثيرًا ما نخلقه او تخلقه مخيلاتنا البديعة إن لم نعشه واقعًا محسوسا كأننا لا نحيا بدونه .


تداعبنا الذكريات و نستعيد حوارات اللقاء و نوهم انفسنا انهم يبادلونا نفس الإحساس ليس إلا لنشبع ذلك الاحتياج  الغريب في أنفسنا و لكن هل هو احتياج فعلا ..

أم هو حاجة غريزية ركبت فينا منذ قديم الأزل كضرورة للتكاثر و إعمار الأرض..

   أحيانا و من إبتسامة عابرة و غالبا ما تكون مصادفة مجرد مصادفة و لكننا نوهم انفسنا انها رسالة موجهة لنا خصيصا ، و ان تلك الفتاة لم تضحك من كلام سمج قالته احدى صديقاتها و لكنها استغلته لارسال تلك الإشارة السحرية عبر ثغرها ليس إلا لتعبر لنا عن إعجابها ، و منذ تلك اللحظة تكون قد أشعلت المخيلة و بدأت في العمل ، و يسيطر ذلك الوهم علينا تماما و نبدأ في رسم الحياة المستقبلية و ماذا سنسمي اولادنا و أين سنقضي إجازاتنا و كيف سنربي أولادنا . في حين أن الحقيقة بسيطة للغاية صديقتها قالت كلاماً لطيفاً أعجبت به فابتسمت دليل رضا و موافقة لما ذهبت اليه صديقتها و ما التفاتها اليك أيها التعيس الموهوم إلا محض مصادفة و ما أن  انتبهت  لك اخفتها حرصا على أن لا  تسيئ فهمها و لكن هيهات فلقد فات الأوان ...

كثيرا ما نتذكر مواقف مشابهة ربما ليس تماما و لكنها تشبه شيئا مما تعرضتم له يوما فنضحك على انفسنا او من انفسنا و كم كنا سذجا لتلك الدرجة ، و كم أوهمنا انفسنا بقصص و خيالات و سمعنا من الأغاني و عشنا من الأفلام في مخيلتنا ما عجز عن تأليفه أسامة أنور عكاشة  أو علي الزرقاني أو كبار الروائيين من العرب او الأعاجم ...

و لكن يظل السؤال الذي ينخر في عقولنا و تتألم له قلوبنا ما هو الحب ؟؟ او إن صح من هو الحب ؟؟ اهو حقيقة مثالية اهو وهم ام حلم جميل ام هو حقيقة و لكنها قاصرة على عدد من البشر خصوا بها دون بقية الخليقة ؟!...

و تستمر رحلة البحث فاليأس لا يصل الى منطقة العثور على الحب ، نيأس من اي شئ الا هذه البقعة فهي محصنة ضد اليأس ، لذلك نظل في رحلة بحث مستمرة و نمر بمحطات كثيرة نتوقف عندها ظنا منا انها الحقيقة و انها الروح الشقيقة لروحنا و لكننا نفيق من حلمنا سريعا و لكن اثر الحلم يبقى و يستمر معنا فما أمرُّ التجارب و ما أقسى النسيان و ما أن نصل حتى تهدأ نفوسنا و تستقر و تغمرنا السعادة المطلقة  و أقتبس هنا من الكاتب المصري محمد حسين هيكل قوله :
" ألا أن الحياة الحق هي التي يعرف فيها صاحبها ان الوجود انما خلق ليسعد بعضه بعضا , و إن في قرارة النفس حَبّة القلب إحساسا دقيقًا إن قتلناه قتلنا معه الحياة , و خرجنا إلى عالم خسيس كله المادة و السعي وراءها و الخضوع لسلطان اصحابها ,و إن نحن أطعناه و اتبعناه أسلمنا إلى السعادة نمرح في جوها , و عرفنا من طريقة المروءة و الشجاعة و الحرية و الإخلاص ..ذلك الإحساس هو الحب ".

و لكن قليل من يصل و قليل من يثبت او يوفق للإستمرار بعد الوصول فهنا الحكمة القائلة بأن الوصول للقمة سهل و المحافظة عليها هو الصعب غير صالحة و يجب تحويرها الى ان الوصول للقمة صعب و المحافظة عليها أكثر صعوبة فيميل الكثير منا الى تكذيب وجود ذلك الإحساس النبيل و ينعته بالوهم ..و في النهاية اعزائي السؤال ما زال قائما و سيظل كذلك أهو وهم أم حقيقة ؟؟؟؟


_____________________________________________________________

بقلمي سامح مبارك
ديسمبر 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق