بدأت فكرة هذا الموضوع من نقاش في تويتر مع الصديق العزيز خواجة ، بعد طرحه لموضوع : في نقد العمل الطوعي المسببات و من الذي فرض أن يكون العمل الطوعي بديلا موضوعيا للعمل الثوري ؟ .
في البدء الاتجاه كان للتفرقة بين مفهوم العمل الطوعي لا من ناحية موسميته أو استدامته فحسب ، بل من ناحية الجهة التي تموله و التفريق بينه و بين العمل الطوعي الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية NGO's . فيوجد فرق بين العمل الطوعي الذي يقوم به شباب من مجهودهم الخاص و بتمويل من الناس و اليها و بين طوعنة النضال ، كما وصفت ميسون النجومي في مقالها "طوعنة النضال" ، الجانب الذي لا أتفق معها فيه أنها خلطت بين النوعين و ذهبت للاستدلال بحديث أرونداتي روي عن ما يسمى ب NGO-ization of resistance الذي يدخل في دائرة النوع الثاني الممول من الشركات الرأسمالية أو المنظمات الخارجية . هذا النوع انتقده بشدة القائد الراحل جون قرنق في حديث لمجندين جدد في المناطق المحررة كما أشار اليها و هو يزجرهم من أن هذا النوع يقود للكسل و عليهم الزراعة لكي يأكلوا و أنه يجب عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم . اذا ما الفرق بين النوعين بالاضافة الى الناحية التمويلية ، الفرق في رأيي يكمن أيضا في موسمية الأمر ، فالنوع الأول موسمي و يلبي احتياجات مجتمعية ضرورية أو غير ضرورية و لكنها محصورة في موسم معين أو حالة معينة يمر بها المستفيد المباشر من العمل الطوعي .
النوع الثاني يدخل في اطار ما يعرف بال Cultural Capitalism و دا نوع جديد من الرأسمالية له أمثلة كثيرة ، أبرزها Starbucks و كيف أنك عندما تشتري منهم أي منتج فسوف تساهم في تعليم أطفال في جواتيمالا و غيره من هذه الأمور ، فأصبحوا كأنهم يبيعوك المنتج و احساسك بالذنب المرافق ان وجد طبعا . فكما وصفته أرونداتي روي فهو يعمل على تحييد العمل النضالي من جانبه السياسي و ليست له عواقب كما أن له رواتب للشخص القائم به مع مسألة الكسل التي تلازم المستفيد من هذه الخدمات .
النوع الأول في رأيي أقرب لكونه نوع من المقاومة ، حالة من الرفض للنظام و المعارضة ، رفض للمنظومة السياسية ككل ،رفض للنضال بالشكل التقليدي، دائما بيقودني لتذكر أفكار الاناركية بالمقاومة الآن و الخروج عن دائرة الدولة . نوع من الترابط و النسيج الاجتماعي الذي كان من الصعب على حكومة الجبهة الاسلامية انها تهتكه أو تخترقه أو بحسب تعبير بروفيسور عطا البطحاني " الشعب دا أقوى من النظام " . هذا النوع من العمل الطوعي بشكله المحلي و الشبابي و المدعوم من الناس و اليها هو نوع من المقاومة أيا كان تصنيفها ، مقاومة سلبية أو إيجابية .
هذا التكافل أو التضامن الذي يمثله النوع الأول ، ليس بالغريب عن المجتمع السوداني ، و في كتابات الأستاذ عبد الخالق محجوب في وثيقة اصلاح الخطأ كمثال ، يوجد تشجيع منه لأعضاء الحزب للمشاركة في مثل هذه النشاطات ، و يمثل هذا الاحتكاك بالواقع نوع من أنواع المقاومة و الارتفاع بالوعي من حيث انك تتفاعل مع الناس و الناس تحس بوجودك بينها .
يرد خواجة بتساؤل اضافي ، " هل هو جزء من مقاومة النظام او احساس بذلك ؟ " ، في رأيي ليس بالضرورة لأنه الدوافع الفردية للشخص المتطوع قد تكون مختلفة ، ( دينية ، أخلاقية ، احساس بالحوجة للمشاركة ، الخ ) و لكن ما يحكم الأمر هنا ، من تخدم نتائج العمل الطوعي من النوع الأول تحديدا ؟؟ . يرى خواجة أنها تخدم طرفين ( مسبب الأزمة و الطرف المأزوم ) . هذا الكلام من الممكن أن يكون صحيحا في دولة تحترم واجباتهم و لديها قصور مادي ناتج عن عجز في الموازنة العامة مثلا ، فمسألة وجود عمل طوعي يساعدها في اخماد جذوة النضال أو الحراك الثوري و لكننا أمام دولة لا تهتم من الأساس بمواطنيها لكي تلتفت الى مثل هذه الأمور . يرى خواجة أن قصده بالاضافة لمسألة اطفاء جذوة النضال ، أن المستفيد من العمل الطوعي الى معتمد ، و هو الأمر الذي يحدث في النوع الثاني ، نوع طوعنة النضال بحسب أرونداتي روي و لكن بسبب الموسمية في هذه الحال لا يمكن أن يتحول شخص الى معتمد ، ففي حالة توزيع مواد تموينية في فترة معينة في السنة ، هذا الأمر لن يساعد الحكومة و لن يحول المستفيد الى معتمد فهو أصلا قبل أن تأتيه هذه المساعدات كان يكافح يوميا من أجل قوته ، و مثال آخر الدواء أو الكوارث فهي حالات استثنائية موسمية . ففي رأيي هذا النوع من العمل التطوعي قد يسهم بصورة غير مباشرة في رفع الوعي للشخص المستفيد و المتطوع على حد سواء و يمكن اعتباره فعل مقاومة .
و لكن لنختم هذا الموضوع ، هل العمل الطوعي هو الحل لمشاكلنا ؟؟ سواء كان من النوع الأول أو الثاني ، موسميا أو دائما ، الاجابة في رأيي هي لا ، و لكن يجب اعادة النظر في هذه الظاهرة و النقاش المكثف حولها ، و كيفية الاستفادة من هؤلاء الشباب في طرح بديل للمقاومة السياسية التقليدية و مناقشتهم في هذه المسائل أو على الأقل المحاولة للإجابة على تساؤل صديقي خواجة ، هل العمل الطوعي بديل موضوعي للنضال السياسي الحقيقي ؟؟ .
_______________________________
في البدء الاتجاه كان للتفرقة بين مفهوم العمل الطوعي لا من ناحية موسميته أو استدامته فحسب ، بل من ناحية الجهة التي تموله و التفريق بينه و بين العمل الطوعي الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية NGO's . فيوجد فرق بين العمل الطوعي الذي يقوم به شباب من مجهودهم الخاص و بتمويل من الناس و اليها و بين طوعنة النضال ، كما وصفت ميسون النجومي في مقالها "طوعنة النضال" ، الجانب الذي لا أتفق معها فيه أنها خلطت بين النوعين و ذهبت للاستدلال بحديث أرونداتي روي عن ما يسمى ب NGO-ization of resistance الذي يدخل في دائرة النوع الثاني الممول من الشركات الرأسمالية أو المنظمات الخارجية . هذا النوع انتقده بشدة القائد الراحل جون قرنق في حديث لمجندين جدد في المناطق المحررة كما أشار اليها و هو يزجرهم من أن هذا النوع يقود للكسل و عليهم الزراعة لكي يأكلوا و أنه يجب عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم . اذا ما الفرق بين النوعين بالاضافة الى الناحية التمويلية ، الفرق في رأيي يكمن أيضا في موسمية الأمر ، فالنوع الأول موسمي و يلبي احتياجات مجتمعية ضرورية أو غير ضرورية و لكنها محصورة في موسم معين أو حالة معينة يمر بها المستفيد المباشر من العمل الطوعي .
النوع الثاني يدخل في اطار ما يعرف بال Cultural Capitalism و دا نوع جديد من الرأسمالية له أمثلة كثيرة ، أبرزها Starbucks و كيف أنك عندما تشتري منهم أي منتج فسوف تساهم في تعليم أطفال في جواتيمالا و غيره من هذه الأمور ، فأصبحوا كأنهم يبيعوك المنتج و احساسك بالذنب المرافق ان وجد طبعا . فكما وصفته أرونداتي روي فهو يعمل على تحييد العمل النضالي من جانبه السياسي و ليست له عواقب كما أن له رواتب للشخص القائم به مع مسألة الكسل التي تلازم المستفيد من هذه الخدمات .
النوع الأول في رأيي أقرب لكونه نوع من المقاومة ، حالة من الرفض للنظام و المعارضة ، رفض للمنظومة السياسية ككل ،رفض للنضال بالشكل التقليدي، دائما بيقودني لتذكر أفكار الاناركية بالمقاومة الآن و الخروج عن دائرة الدولة . نوع من الترابط و النسيج الاجتماعي الذي كان من الصعب على حكومة الجبهة الاسلامية انها تهتكه أو تخترقه أو بحسب تعبير بروفيسور عطا البطحاني " الشعب دا أقوى من النظام " . هذا النوع من العمل الطوعي بشكله المحلي و الشبابي و المدعوم من الناس و اليها هو نوع من المقاومة أيا كان تصنيفها ، مقاومة سلبية أو إيجابية .
هذا التكافل أو التضامن الذي يمثله النوع الأول ، ليس بالغريب عن المجتمع السوداني ، و في كتابات الأستاذ عبد الخالق محجوب في وثيقة اصلاح الخطأ كمثال ، يوجد تشجيع منه لأعضاء الحزب للمشاركة في مثل هذه النشاطات ، و يمثل هذا الاحتكاك بالواقع نوع من أنواع المقاومة و الارتفاع بالوعي من حيث انك تتفاعل مع الناس و الناس تحس بوجودك بينها .
يرد خواجة بتساؤل اضافي ، " هل هو جزء من مقاومة النظام او احساس بذلك ؟ " ، في رأيي ليس بالضرورة لأنه الدوافع الفردية للشخص المتطوع قد تكون مختلفة ، ( دينية ، أخلاقية ، احساس بالحوجة للمشاركة ، الخ ) و لكن ما يحكم الأمر هنا ، من تخدم نتائج العمل الطوعي من النوع الأول تحديدا ؟؟ . يرى خواجة أنها تخدم طرفين ( مسبب الأزمة و الطرف المأزوم ) . هذا الكلام من الممكن أن يكون صحيحا في دولة تحترم واجباتهم و لديها قصور مادي ناتج عن عجز في الموازنة العامة مثلا ، فمسألة وجود عمل طوعي يساعدها في اخماد جذوة النضال أو الحراك الثوري و لكننا أمام دولة لا تهتم من الأساس بمواطنيها لكي تلتفت الى مثل هذه الأمور . يرى خواجة أن قصده بالاضافة لمسألة اطفاء جذوة النضال ، أن المستفيد من العمل الطوعي الى معتمد ، و هو الأمر الذي يحدث في النوع الثاني ، نوع طوعنة النضال بحسب أرونداتي روي و لكن بسبب الموسمية في هذه الحال لا يمكن أن يتحول شخص الى معتمد ، ففي حالة توزيع مواد تموينية في فترة معينة في السنة ، هذا الأمر لن يساعد الحكومة و لن يحول المستفيد الى معتمد فهو أصلا قبل أن تأتيه هذه المساعدات كان يكافح يوميا من أجل قوته ، و مثال آخر الدواء أو الكوارث فهي حالات استثنائية موسمية . ففي رأيي هذا النوع من العمل التطوعي قد يسهم بصورة غير مباشرة في رفع الوعي للشخص المستفيد و المتطوع على حد سواء و يمكن اعتباره فعل مقاومة .
و لكن لنختم هذا الموضوع ، هل العمل الطوعي هو الحل لمشاكلنا ؟؟ سواء كان من النوع الأول أو الثاني ، موسميا أو دائما ، الاجابة في رأيي هي لا ، و لكن يجب اعادة النظر في هذه الظاهرة و النقاش المكثف حولها ، و كيفية الاستفادة من هؤلاء الشباب في طرح بديل للمقاومة السياسية التقليدية و مناقشتهم في هذه المسائل أو على الأقل المحاولة للإجابة على تساؤل صديقي خواجة ، هل العمل الطوعي بديل موضوعي للنضال السياسي الحقيقي ؟؟ .
_______________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق