الخميس، 16 يوليو 2015

في نقد العمل الطوعي



بدأت فكرة هذا الموضوع من نقاش في تويتر مع الصديق العزيز خواجة ، بعد طرحه لموضوع : في نقد العمل الطوعي المسببات و من الذي فرض أن يكون العمل الطوعي بديلا موضوعيا للعمل الثوري ؟ .
في البدء الاتجاه كان للتفرقة بين مفهوم العمل الطوعي لا من ناحية موسميته أو استدامته فحسب ، بل من ناحية الجهة التي تموله و التفريق بينه و بين العمل الطوعي الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية NGO's . فيوجد فرق بين العمل الطوعي الذي يقوم به شباب من مجهودهم الخاص و بتمويل من الناس و اليها و بين طوعنة النضال ، كما وصفت ميسون النجومي في مقالها "طوعنة النضال" ، الجانب الذي لا أتفق معها فيه أنها خلطت بين النوعين و ذهبت للاستدلال بحديث أرونداتي روي عن ما يسمى ب NGO-ization of resistance الذي يدخل في دائرة النوع الثاني الممول من الشركات الرأسمالية أو المنظمات الخارجية . هذا النوع انتقده بشدة القائد الراحل جون قرنق في حديث لمجندين جدد في المناطق المحررة كما أشار اليها و هو يزجرهم من أن هذا النوع يقود للكسل و عليهم الزراعة لكي يأكلوا و أنه يجب عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم . اذا ما الفرق بين النوعين بالاضافة الى الناحية التمويلية ، الفرق في رأيي يكمن أيضا في موسمية الأمر ، فالنوع الأول موسمي و يلبي احتياجات مجتمعية ضرورية أو غير ضرورية و لكنها محصورة في موسم معين أو حالة معينة يمر بها المستفيد المباشر من العمل الطوعي .
النوع الثاني  يدخل في اطار ما يعرف بال Cultural Capitalism و دا نوع جديد من الرأسمالية له أمثلة كثيرة ، أبرزها Starbucks و كيف أنك عندما تشتري منهم أي منتج فسوف تساهم في تعليم أطفال في جواتيمالا و غيره من هذه الأمور ، فأصبحوا كأنهم يبيعوك المنتج و احساسك بالذنب المرافق ان وجد طبعا . فكما وصفته أرونداتي روي فهو يعمل على تحييد العمل النضالي من جانبه السياسي و ليست له عواقب كما أن له رواتب للشخص القائم به مع مسألة الكسل التي تلازم المستفيد من هذه الخدمات .
النوع الأول في رأيي أقرب لكونه نوع من المقاومة ، حالة من الرفض للنظام و المعارضة ، رفض للمنظومة السياسية ككل ،رفض للنضال بالشكل التقليدي، دائما بيقودني لتذكر أفكار الاناركية بالمقاومة الآن و الخروج عن دائرة الدولة . نوع من الترابط و النسيج الاجتماعي الذي كان من الصعب على حكومة الجبهة الاسلامية انها تهتكه أو تخترقه أو بحسب تعبير بروفيسور عطا البطحاني " الشعب دا أقوى من النظام " . هذا النوع  من العمل الطوعي بشكله المحلي و الشبابي و المدعوم من الناس و اليها هو نوع من المقاومة أيا كان تصنيفها ، مقاومة سلبية أو إيجابية .
هذا التكافل أو التضامن الذي يمثله النوع الأول ، ليس بالغريب عن المجتمع السوداني ، و في كتابات الأستاذ عبد الخالق محجوب في وثيقة اصلاح الخطأ كمثال ، يوجد تشجيع منه لأعضاء الحزب للمشاركة في مثل هذه النشاطات ، و يمثل هذا الاحتكاك بالواقع نوع من أنواع المقاومة و الارتفاع بالوعي من حيث انك تتفاعل مع الناس و الناس تحس بوجودك بينها .
يرد خواجة بتساؤل اضافي ، " هل هو جزء من مقاومة النظام او احساس بذلك ؟ " ، في رأيي ليس بالضرورة لأنه الدوافع الفردية للشخص المتطوع قد تكون مختلفة ، ( دينية ، أخلاقية ، احساس بالحوجة للمشاركة ، الخ ) و لكن ما يحكم الأمر هنا ، من تخدم نتائج العمل الطوعي من النوع الأول تحديدا ؟؟ . يرى خواجة أنها تخدم طرفين ( مسبب الأزمة و الطرف المأزوم ) . هذا الكلام من الممكن أن يكون صحيحا في دولة تحترم واجباتهم و لديها قصور مادي ناتج عن عجز في الموازنة العامة مثلا ، فمسألة وجود عمل طوعي يساعدها في اخماد جذوة النضال أو الحراك الثوري و لكننا أمام دولة لا تهتم من الأساس بمواطنيها لكي تلتفت الى مثل هذه الأمور . يرى خواجة أن قصده بالاضافة لمسألة اطفاء جذوة النضال ، أن المستفيد من العمل الطوعي الى معتمد ، و هو الأمر الذي يحدث في النوع الثاني ، نوع طوعنة النضال بحسب أرونداتي روي و لكن بسبب الموسمية في هذه الحال لا يمكن أن يتحول شخص الى معتمد ، ففي حالة توزيع مواد تموينية في فترة معينة في السنة ، هذا الأمر لن يساعد الحكومة و لن يحول المستفيد الى معتمد فهو أصلا قبل أن تأتيه هذه المساعدات كان يكافح يوميا من أجل قوته ، و مثال آخر الدواء أو الكوارث فهي حالات استثنائية موسمية . ففي رأيي هذا النوع من العمل التطوعي قد يسهم بصورة غير مباشرة في رفع الوعي للشخص المستفيد و المتطوع على حد سواء و يمكن اعتباره فعل مقاومة .
و لكن لنختم هذا الموضوع ، هل العمل الطوعي هو الحل لمشاكلنا ؟؟ سواء كان من النوع الأول أو الثاني ، موسميا أو دائما ، الاجابة في رأيي هي لا ، و لكن يجب اعادة النظر في هذه الظاهرة و النقاش المكثف حولها ، و كيفية الاستفادة من هؤلاء الشباب في طرح بديل للمقاومة السياسية التقليدية و مناقشتهم في هذه المسائل أو على الأقل المحاولة للإجابة على تساؤل صديقي خواجة ، هل العمل الطوعي بديل موضوعي للنضال السياسي الحقيقي ؟؟ .

_______________________________

The NGO-ization of resistance (Arundhati Roy, August 16, 2004)










RSA Animate - First as Tragedy, Then as Farce (Slavoj Zezek-Cultural Capitalism)

دكتور جون قرنق ورؤيته للدولة
(from  05:35)



الأحد، 5 يوليو 2015

المشكلة الداعشية

الموضوع مجرد محاولة لافتراض فرضية ، و التحليل على ضوءها ، لمحاولة فهم الواقع الحالي لما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام ،  الفرضية بصورة مبسطة أن داعش لعبة استخباراتية ، قد تبدوا الفرضية تافهة و لكني فضلت أن استخدمها كمدخل للموضوع .
الجماعات الجهادية المتطرفة هي صنيعة للاستخبارات ابان الحرب الباردة ، اذ نجحت في استخدامهم بصورة ممتازة لضرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ، و لكن ما لم يتم عمل حسبان له ، كيف سيتم استيعاب هؤلاء بكل هذا الفكر الدوغمائي و المرجعية المقدسة ، في مجتمعات ما بعد الحرب ، و فعلا حدث ما لم يكن في المتوقع فقد انتشرت هذه الجماعات و بدأت تروج للفكر المتطرف و أحيانا مدعومة من بعض دول المنطقة بغرض زعزة أمن و استقرار بعض الدول في توازنات جيو-سياسية ، اهمال مسألة اعادة دمج هذه الفئات جعلتهم ينتقلون الى أرجاء العالم و أصبحوا في مناطق مختلفة ، و بعضهم خلايا نائمة ، حتى بدأ ظهورهم من جديد ، لأن طبيعة الفكر الذي يحملونه لا يسمح لهم بالتعايش مع الآخر الديني و بدأت الهجمات و التفجيرات مع كل حدث يحصل و هنا في رأيي قد يكون انتبهت المخابرات الى الأعمال غير المنجزة لها ، الى بقايا حقول الألغام التي زرعتها ، فكيف يكون الحل سوى محاربة هؤلاء و هم أفراد متناثرون ، فكان لابد من البحث و الدراسة في نفس ذات المرجعيات و السرديات و استخراج مفهوم الخلافة من الخزانة من جديد و بث هذا الحلم ، كل هؤلاء الفرقاء سيحلمون بالوطن الديني الذي سيضحون بحياتهم من أجل اقامته متجاوزين كل الأفكار الجغرافية الجديدة لمفهوم الأوطان و الدول الحديثة التي تركها الاستعمار في المنطقة بحدودها الجغرافية و سيادتها .
الخطوة التالية كانت هي محاولة جذب هؤلاء الى مساحة جغرافية لكي تتم محاربتهم ، تم وقع الاختيار على نفس الرقعة القديمة التي تم انشاؤهم منذ البداية للقتال فيها ، أفغانستان ، و مع بعض الخلاف في من هو الذي نفذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، سواء كانوا هم من نفذوها (القاعدة) أو هي لعبة استخباراتية أمريكية لكسب دعم الشعب الأمريكي و الغربي للحرب مع ما يصاحبه من مكاسب في تجارة السلاح و التشديد الأمني على كل شخص ، و كل هذه الأمور المصاحبة للتحول الأخير و التي سنتركها جانبا ، دخلت أمريكا في حرب في أفغانستان استمرت عقدا من الزمن خسرت فيه الكثير من الموارد و الجنود و لكنها و بنسبة كبيرة ضربت الجماعات في مقتل ، فقد ضعفت القاعدة كثيرا ، و لكن لم تجذب فكرة اسامة بن لادن كل الجماعات فكان لابد من خطوة اضافية .
الخطوة كانت في نظري هي استخراج مفهوم دولة الخلافة من السرديات الاسلامية و محاولة ايجاد وعود بظهور جماعات معينة بصفات معينة  ، فكانت داعش ، أو أصحاب الرايات السود كما في بعض الأحاديث . فكان لابد من خلق مساحة جغرافية جديدة ، بعيدا عن أفغانستان ، فهي لا تمثل أي قداسة و ليست ذات أهمية تاريخية في التاريخ الاسلامي ، و لكن العراق و سوريا تمثل الصراع التاريخي بين السنة و الشيعة ، فبدأت مسألة غزو العراق تحت دعاوى وجود أسلحة دمار شامل ثم من بعد ذلك مسألة ازاحة صدام حسين ، أيا كان الغرض الأساسي من دخول العراق سواء كان من أجل النفط  أو ازاحة صدام حسين ، فمسألة وجود مساحة جغرافية بدولة ضعيفة و تماهي جسم الدولة في ظل الصراع الطائفي و مع قيام الثورة السورية ، برزت فكرة خلق مساحة جغرافية جديدة لمواصلة سياسة جذب العناصر النائمة نحو هذه المنطقة و القضاء عليهم أو على الأقل نقل الصراع بعيدا عن مناطق المصالح الكبرى و السلامة العامة للحياة الاقتصادية الغربية . تم ادخال المجاهدين الى سوريا تحت دعاوى مقاومة الأسد و بدعم من الخليج بعلمهم أو دون علمهم ، لخلق طرف ثالث ، لا يهمه النظام كثيرا ، و لكنه ركز جل جهوده لمحاربة الجيش الحر ، حتى لا يتم حسم الأمر عسكريا و تقوم دولة مكان الدولة الموجودة و بالتالي خسارة الرقعة الجغرافية المفترض أنها ستكون مسرح المعركة القادمة ضد الارهاب أو الجماعات الدينية المتطرفة ( الجهادية ) .
ضعف الحكومة المركزية في العراق مع ظهور الأكراد في الشمال ، أقلق بلا شك الحكومة التركية ، مما استدعاها بصورة مباشرة أو غير مباشرة لدعم الجماعات المحاربة  في سوريا و خصوصا الجماعات الجهادية ، و في خضم كل هذه التعقيدات ، صعد البغدادي المنبر ، تحت دعم لوجستي من بقايا جيش صدام ، و حزب البعث المنحل حسب ما قرأت في مقال سأشير اليه في نهاية الموضوع * .
تم الاعلان عن قيام الدولة الاسلامية الحلم ، في العراق و الشام و باحتلالها لمناطق واسعة ، بقي فقط في أركان الفرضية ، أن يتم عمل الدعاية اللازمة  و الصبر ، الدعاية لحشد الدعم المادي و دفع تكاليف الحرب المقبلة و الصبر حتى يتم جذب أغلب العناصر النائمة في مختلف أرجاء المعمورة لهذه المنطقة نحو معركة أخيرة فاصلة ، و بالفعل بدأنا نشاهد عمليات اعدام بمشاهد سينمائية و تحركت الآلة الاعلامية العالمية نحو أخبار داعش بصورة مبهرة  ، ربما الدليل على هذه الفرضية أو ما قد يدعمها هو تركيز التجنيد على المسلمين المقيمين في الغرب أو من أصحاب الجوازات الأوربية و الأمريكية أكثر من غيرهم .
الدعم السعودي أو الخليجي ، المصاحب بدعم تركي ، جعل من الأمر وجود دولة داخل دولتين في سابقة غريبة في التاريخ البشري ، معلنة من طرف واحد ، و أخذت اعتراف من دون تصويت في الأمم المتحدة ، رفضها من جهة هو اعتراف بوجودها باعتبارها أمر واقع ، و المثير للاهتمام ، هو لماذا لا تقوم الطلعات الجوية للحلفاء المشاركين في الحرب على داعش بنسفها تماما ، أو اضعافها الى حد يمكن المقاومة الشعبية و الجيش العراقي من جهة و الجيش الحر من جهة أخرى للقضاء عليها أو كسب تفوق و لو نسبيا عليها ، اذا لابد من وجود هدف من هذا الانتظار ، و نجد من المريب أيضا اختفاء وعود الأردن بالرد على حرق طيارها الكساسبة حيا .
الواقع الليبي أقرب لما يحدث ، فظهور داعش في ليبيا هو لمشابهة الحالة الليبية للحالة السورية و العراقية من حيث ضعف الدولة و جيشها و الاختلافات الكبيرة ، فبرزت أيضا كرقعة يمكن فيها جذب ارهابيي شمال افريقيا ، مع مسألة مالي في وقت سابق .
المشترك بين ليبيا و العراق هو النفط ، و كيف أن الدول الأوربية و الأمريكية أصبحت تشتري النفط العراقي و الليبي بأسعار زهيدة في ظل الحصار المضروب على ايران و روسيا من جهة أخرى . ربما يكون هذا هو السبب الأساسي و مسألة الارهاب مسألة ثانوية أو العكس فهذا ما ستكشف عنه السنين .
ربما يكون المستفيد الأكبر من هذه الدوامة ، هي الصين ، فالصين الآن تعمل في هدوء كبير مشابه لما حدث لأمريكا ابان الحرب العالمية الثانية ، و كما يقول البريطانيون ، خضنا الحرب و انتصرت أمريكا ، باعتبار أنها أخذت كل المجد .

___________________________________________
* مازن صلاح الأمير - داعش و السودان

كم فينا من داعش ؟

الحكومة دي أول ما جات كانت بتنادي بي جهاد و حرب جهادية في الجنوب و أسست لي الثقافة دي في المدارس و المناهج الدراسة و الخدمة الوطنية الخ..
انت من طابور المدرسة الصباحي لي الوان الزي المدرسي في حالة عسكرة مقدسة في سبيل الله و صفا الله أكبر و انتباه الخ..
الحاجة دي تأثيراتها ما ممكن تكون اختفت مع تغيير الخطاب السياسي و انتهاء الحرب ، في أجيال كاملة اتربت عليها.
داعش أو أي حاجة مشابهة ليها بتقدر بي سهولة جدا تستدعي المجاهد الصغير الزرعته الانقاذ جواك ، حبة صنفرة من تغييرات الثقافة المكتسبة السطحية.
مافي ارتباط بي البلد أو فكرة الوطن بي صورة كبيرة ، الارتباط الأكبر بي مفهوم الوطن الديني أقوى من خلال كل الزول قراه في مناهجه و التاريخ الاسلامي ( المعروض بي تحيز و بدون حيادية ) .
استهداف داعش للشباب الموجودين في مامون حميدة يمكن لي سبب سهولة تحركهم و نقلهم للدولة الاسلامية بسبب جوازاتهم الأعلى درجة من الجواز السوداني.
مع انه البذور المدفونة في جيل الانقاذ بتخلي جذبهم أسهل بي كتير ، لكن يمكن بي سبب صعوبة نقلهم يكونوا مع المشوا مالي و غيرها.
الموضوع ما كان مجرد عسكرة للأطفال و الشباب بي دليل انه التجنيد ما كان في القوات المسلحة لأ في الدفاع الشعبي و الخدمة الوطنية يعني"المجاهدين".
الوعود ما كانت وطن موحد و الحفاظ على الوحدة لأ ، الوعود كانت حور عين و الشهادة و عرس الشهيد.
الأجيال القامت في كنف الانقاذ دي كلها قنابل موقوتة ، التركيز على الشباب الجايين من ثقافات غربية ممكن يؤدي لي اهمال لي خطورة الداعشية الزرعتها الانقاذ في الشباب السوداني القام في السودان .
الكلام دا بيوضحه ما سمته ميسون النجومي بالخطاب الطاغي ، للزول الداير يقراه حأنزل الرابط تحت .
الخطاب الطاغي - ميسون النجومي