في شقته الصغيرة ، و شرفته المطلة على البحر حيث ترسوا بعض المراكب و انعكاسات أضواء المدينة على سطح الماء ، كرسيه الخشبي ، المنضدة و عليها كوب القهوة المتصاعد منها البخار ليغازل برودة الجو في انسيابية راقص يلاعب حبيبته الجميلة ، رائحة الجو مع رائحة القهوة ، جلس في الكرسي و وضع نظارة القراءة و أخذ كتابه بيمينه و قبل أن يفتحه أمعن فيه النظر جيدا و من ثم استنشقه كأنه يريد استخلاص الذكريات من رائحة الورق .
فتح الصفحة الأولى و وجدها ، نعم وجدها تخرج من بين الصفحات ، فرك عينيه ليتأكد أنه لا يحلم و أعاد وضع نظارة القراءة السميكة و دقق في الرواية و فتح الصفحة الأولى مرة أخرى و وجد اسمها مكتوب في الاهداء : الى شقيق الروح من جسدي ... و بدأ في القراءة ، كل صفحة يجد فيها ذكرى ، و رجع به صندوق الذكريات الى تلك اللحظة حيث كان يتمشى في السوق و وجد فتاة تبيع الورد فقرر أن يشتري منها وردة و حمل الوردة و في الطريق أخذ صحيفته اليومية و عاد الى البيت ، أين الذكرى هنا ؟ ، توقف و عاد الى وعيه و قال لنفسه ماذا حدث لتلك الذكرى لم تكن بهذه الطريقة ، هل أصبح عقلي يلاعبني ، و عاد للكتاب من جديد و من أول السطر و حمله خياله الى مكانها ، مكان الذكرى عندما مشا في السوق و توقف ليشتري الوردة لم يكن لنفسه بل لها ، نعم كانت واقفة الى جانبه تبحث في حقيبتها عن نقودها الضائعة فتدخل لينقذ الموقف فدفع لها ثمن الوردات ، و لكنها لا تعرفه ، قبلت بشرط أن تعطيه مقابلها شيئا ، فوافق . كانت ترسم فقررت رسمه ، أجلسته على كرسي المقهى و أخذت قلمها و دفتر رسوماتها من الحقيبة و بدأت في رسمه ، رسمت كل تفاصيله ، شعره الكثيف ، أنفه الحاد ، عينيه و ما يلمع فيها من بريق شاب مقبل على الحياة ، ابتسامته الهادئة ، تقاسيم الجدية و الصرامة مع الطيبة المخفية خلفها ، كل هذا تمكنت من قرائته من أول رسمة ، كان هذا سحرها الخاص ، وقع في غرام الرسمة و أخذت الوردات و أعطته الرسم و رحلت في هدوء .
و عندما وصلت آخر الشارع ركض بكل سرعته ليلحقها ، كان قد وضع الرواية جانبا من يده و هو يطالع شاب يركض خلف حبيبته و هو من على الشرفة وقف ليتابع المشهد ، لحق الشاب بالفتاة تحت عمود الانارة في زاوية الشارع و أعطاها رسالة و معها وردة و ابتسم و رحل ، وقف مندمجا في هذا المشهد فقد أعاد لذهنه لقائه بها عندما أراد أن يصارحها بحبه و لكن قلمه كان سحره الخاص ليس رسما للوجوه و لكن رسما للحروف في نظم سلس و بسيط يفهم بسرعة ، كانت له قدرة على تكثيف المشاعر في الكلمات ، فأهداها رسالة و وردة من نفس مكان الورد حيث التقيا للمرة الأولى ، ابتسمت في سعادة و أخذت الرسالة و ودعته ، تماما مثل ما شاهد من على شرفته ، عاد الى مقعده و هو ممسك بالرواية و أعاد فتحها و أكمل القراءة .
رن جرس الباب فوضع الكتاب و قام ليرى من الطارق فوجدها جارتهم ، تريد أن ترى ان كان شيئ ينقصه ، وجم و أخذه الصندوق في رحلة جديدة ، فهو لا ينقصه غير حضورها ، بسمتها المشرقة ، ضحكتها التي كانت تملأ حياته بل الكون كله فرحا و سعادة ، أناملها و هي تلعب في جبينه حينما ينام في حجرها كالطفل الصغير ، أعادت جارته السؤال فعاد من حلمه و أجاب ب "لا كل شيئ على ما يرام" ، تلك الكذبة التي نرددها دائما و هو ليس باستثناء ، أغلق الباب و عاد الى الشرفة و قبل أن يمسك الكتاب خنقته العبرة ، اعتصر الشوق قلبه و نزلت الدمعة ساخنة دافئة أعادت الى وجه شيئا من الاحمرار فهو شاحب منذ رحيلها لتكمل رسالة الماجستير ، مرت سنة كاملة و لم تراسله منذ شهر و لم تتصل به .
عاد الى الرواية و بدأ يقرأ حتى وقع نظره على أثر دموع على الصفحة و أخذه الصندوق من جديد الى ذلك اليوم ، يوم رحيلها حيث جلس في نفس المكان و بدأ يقرأ ذات الرواية التي أهدتها اياه في عيد حبهما الأول ، في تلك الصفحة سر عميق اكتشفه عندما قرأ الرواية في ذلك اليوم وجد فيها ورقة تركتها له تودعه فيها ، الورقة فيها رسم لشجرة و شخصين يجلسان تحتها و قمر منعكس على سطح بحيرة و كتبت مع التوقيع سأشتاقك جدا . فنزلت الدموع مرة أخرى لتعيده الى شرفة الذكريات . مسح دموعه و ابتسم و رشف ما تبقى من قهوته و وضع الرواية على المنضدة و دخل لينام قليلا .
استلقى على السرير و لكن النوم لم يزره فعاد الى الشرفة و أخذ معه الشال الأحمر ليقيه البرد جلس على الكرسي و هو يراقب في الكتاب في خشية ، نعم أصبح يخاف أن يفتحه فيأخذه الى مكان يؤلمه ذكراه و لكن الشوق اليها و لو حتى في ذكرى أجبره على حمل الكتاب من جديد ، فألم الفقد تمحيه حلاوة اللقيا و لو كانت مجرد ذكريات مدفونة في رواية قديمة ، عاد الى القراءة و أثناء هيامه في صفحات القصة تذكر أنه لبس الشال الأحمر ، ذلك الشال حاكته بنفسها و قدمته له هدية عيد زواجهما الأول منذ سنة تقريبا ، أحضر لها هدية و جهز الطاولة و كان في انتظار اتصالها ليخبرها بأنه يحتفل اليوم بعيد زواجهما ، و أن هديتها في انتظارها و مع كل تلك الفوضى في رأسه سمع صوت يناديه " أحمد .. أحمد .. " فأفاق و وقف ليتتبع الصوت فوجدها ياسمين زوجته و هي تناديه من الأسفل واقفة مع حقائبها مبتسمة في انتظاره ....

فتح الصفحة الأولى و وجدها ، نعم وجدها تخرج من بين الصفحات ، فرك عينيه ليتأكد أنه لا يحلم و أعاد وضع نظارة القراءة السميكة و دقق في الرواية و فتح الصفحة الأولى مرة أخرى و وجد اسمها مكتوب في الاهداء : الى شقيق الروح من جسدي ... و بدأ في القراءة ، كل صفحة يجد فيها ذكرى ، و رجع به صندوق الذكريات الى تلك اللحظة حيث كان يتمشى في السوق و وجد فتاة تبيع الورد فقرر أن يشتري منها وردة و حمل الوردة و في الطريق أخذ صحيفته اليومية و عاد الى البيت ، أين الذكرى هنا ؟ ، توقف و عاد الى وعيه و قال لنفسه ماذا حدث لتلك الذكرى لم تكن بهذه الطريقة ، هل أصبح عقلي يلاعبني ، و عاد للكتاب من جديد و من أول السطر و حمله خياله الى مكانها ، مكان الذكرى عندما مشا في السوق و توقف ليشتري الوردة لم يكن لنفسه بل لها ، نعم كانت واقفة الى جانبه تبحث في حقيبتها عن نقودها الضائعة فتدخل لينقذ الموقف فدفع لها ثمن الوردات ، و لكنها لا تعرفه ، قبلت بشرط أن تعطيه مقابلها شيئا ، فوافق . كانت ترسم فقررت رسمه ، أجلسته على كرسي المقهى و أخذت قلمها و دفتر رسوماتها من الحقيبة و بدأت في رسمه ، رسمت كل تفاصيله ، شعره الكثيف ، أنفه الحاد ، عينيه و ما يلمع فيها من بريق شاب مقبل على الحياة ، ابتسامته الهادئة ، تقاسيم الجدية و الصرامة مع الطيبة المخفية خلفها ، كل هذا تمكنت من قرائته من أول رسمة ، كان هذا سحرها الخاص ، وقع في غرام الرسمة و أخذت الوردات و أعطته الرسم و رحلت في هدوء .
و عندما وصلت آخر الشارع ركض بكل سرعته ليلحقها ، كان قد وضع الرواية جانبا من يده و هو يطالع شاب يركض خلف حبيبته و هو من على الشرفة وقف ليتابع المشهد ، لحق الشاب بالفتاة تحت عمود الانارة في زاوية الشارع و أعطاها رسالة و معها وردة و ابتسم و رحل ، وقف مندمجا في هذا المشهد فقد أعاد لذهنه لقائه بها عندما أراد أن يصارحها بحبه و لكن قلمه كان سحره الخاص ليس رسما للوجوه و لكن رسما للحروف في نظم سلس و بسيط يفهم بسرعة ، كانت له قدرة على تكثيف المشاعر في الكلمات ، فأهداها رسالة و وردة من نفس مكان الورد حيث التقيا للمرة الأولى ، ابتسمت في سعادة و أخذت الرسالة و ودعته ، تماما مثل ما شاهد من على شرفته ، عاد الى مقعده و هو ممسك بالرواية و أعاد فتحها و أكمل القراءة .
رن جرس الباب فوضع الكتاب و قام ليرى من الطارق فوجدها جارتهم ، تريد أن ترى ان كان شيئ ينقصه ، وجم و أخذه الصندوق في رحلة جديدة ، فهو لا ينقصه غير حضورها ، بسمتها المشرقة ، ضحكتها التي كانت تملأ حياته بل الكون كله فرحا و سعادة ، أناملها و هي تلعب في جبينه حينما ينام في حجرها كالطفل الصغير ، أعادت جارته السؤال فعاد من حلمه و أجاب ب "لا كل شيئ على ما يرام" ، تلك الكذبة التي نرددها دائما و هو ليس باستثناء ، أغلق الباب و عاد الى الشرفة و قبل أن يمسك الكتاب خنقته العبرة ، اعتصر الشوق قلبه و نزلت الدمعة ساخنة دافئة أعادت الى وجه شيئا من الاحمرار فهو شاحب منذ رحيلها لتكمل رسالة الماجستير ، مرت سنة كاملة و لم تراسله منذ شهر و لم تتصل به .
عاد الى الرواية و بدأ يقرأ حتى وقع نظره على أثر دموع على الصفحة و أخذه الصندوق من جديد الى ذلك اليوم ، يوم رحيلها حيث جلس في نفس المكان و بدأ يقرأ ذات الرواية التي أهدتها اياه في عيد حبهما الأول ، في تلك الصفحة سر عميق اكتشفه عندما قرأ الرواية في ذلك اليوم وجد فيها ورقة تركتها له تودعه فيها ، الورقة فيها رسم لشجرة و شخصين يجلسان تحتها و قمر منعكس على سطح بحيرة و كتبت مع التوقيع سأشتاقك جدا . فنزلت الدموع مرة أخرى لتعيده الى شرفة الذكريات . مسح دموعه و ابتسم و رشف ما تبقى من قهوته و وضع الرواية على المنضدة و دخل لينام قليلا .
استلقى على السرير و لكن النوم لم يزره فعاد الى الشرفة و أخذ معه الشال الأحمر ليقيه البرد جلس على الكرسي و هو يراقب في الكتاب في خشية ، نعم أصبح يخاف أن يفتحه فيأخذه الى مكان يؤلمه ذكراه و لكن الشوق اليها و لو حتى في ذكرى أجبره على حمل الكتاب من جديد ، فألم الفقد تمحيه حلاوة اللقيا و لو كانت مجرد ذكريات مدفونة في رواية قديمة ، عاد الى القراءة و أثناء هيامه في صفحات القصة تذكر أنه لبس الشال الأحمر ، ذلك الشال حاكته بنفسها و قدمته له هدية عيد زواجهما الأول منذ سنة تقريبا ، أحضر لها هدية و جهز الطاولة و كان في انتظار اتصالها ليخبرها بأنه يحتفل اليوم بعيد زواجهما ، و أن هديتها في انتظارها و مع كل تلك الفوضى في رأسه سمع صوت يناديه " أحمد .. أحمد .. " فأفاق و وقف ليتتبع الصوت فوجدها ياسمين زوجته و هي تناديه من الأسفل واقفة مع حقائبها مبتسمة في انتظاره ....

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق