العنوان قد لا يعكس ما في الكتاب كما تعودنا أو كما يقول المثل " الجواب باين من عنوانه " و لكن هو كما يقال على النقيض تماما كما في الحكمة : لا تحكم على الكتاب من غلافه.
لا أريد التحدث عن الحرية في المفهوم العام أو الحرية في الدولة أو حرية التعبير و المعتقد الخ ، لا فما أريده هنا مجرد تأمل أو خاطرة في أن الحرية موجودة في المسافة الفاصلة بين الوعي و الادراك و التفكير ، ما يجول في خاطرك و بين الواقع و المواد و الحياة كما نراها ، و حتى الأخيرة أصبحت مثار نقاش واسع في الأيام القليلة الماضية مع حادثة الفستان الأخيرة ، هذه المسافة حيرت الفلاسفة و مثار جدل واسع ، و نقاشات مكثفة ، فمثلا البوذية تشير الى الوصل بين هذه المسافة عن طريق التأمل و الوصول الى النيرفانا ، و لكن كما انتقدها سلافوي زيزيك ، أن النيرفانا ليست في الواقع مكانا آخر و لكنها هنا على هذه الأرض و دعى في نهاية حديثه الى أنه يجب علينا في نهاية الأمر أن نتقبل المسافة "Accept the gap".
المسافة في رأيي لتقليصها تحتاج الى الحريات العامة و حرية التعبير و خلافها في أكثر صورها طوباوية و لكن في هذه الحالة تكون قلصتها من الداخل الى الخارج بفتح المنافذ للداخل لكي يتحرك في الواقع ، الحالة الأخرى هي أن تقلصها من الخارج للداخل و لكن في هذه الحالة يتم الأمر بغلق المنافذ و الضغط من الخارج للداخل ، بالقمع و الكبت و السجن و التلاعب بالطبيعة البيولوجية للدماغ و خلافه ، كأفعال مضادة للحرية ، في الحالتين يتم تقليص المسافة ، و لكن في نهاية الأمر ، المسافة باقية و هي الحرية المطلقة فمهما فتحت المنافذ كما في الحالة الأولى فستوجد أشياء لا يمكن التعبير عنها و ستوجد تعارضات مع مسافات الآخر و طبيعة المساومات و تقبل انصاف الحلول التي تحكم الخارج أو الواقع ففي أسمى الحالات ستبقى المسافة موجودة لتحفظ بعضا من ما في الداخل ، و في الحالة الأخرى مهما بلغ القمع و الظلم و الاستبداد فستبقى مساحة لن يأخذوها منك هي المسافة المتبقية التي لا يستطيعون مهما فعلوا أن يكسروها .
للتوضيح أكثر للحالة الأولى يستحضرني كلام الاستاذ محمود محمد طه و هنا أقتبس منه : " ولا يمكن أن يبلغ الفـرد الحرية الفردية المطلقة وهو منقسم على نفسه ، وبعضه حرب على بعض . بل لا بد له من اعادة الوحدة إلى بنيته ، حتى يكون في سلام مع نفسه ، قبل أن يحاول أن يكون في سلام مع الآخرين ، فإن فاقد الشئ لا يعطيه . وهو إنما يكون في سلام مع نفسه حين لا يكون العقل الواعي في تضاد، وتعارض مع العقل الباطن ، ويومئذ تتحقق سلامة القلب ، وصفاء الفكر . وبعبارة أخرى ، تتحقق حياة الفكر ، وحياة الشعور ، وتلك هي الحياة العليا .. وتوحيد القوى المودعة في البنية إنما يتم بأن يفكر الإنسان كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول" . و في هذه الحالة يتحرك الانسان نحو تقليص المسافة متحركا من الداخل للخارج و هو الأمر الأسهل في حالة كون الخارج متيحا للحرية أو أن الداخل ذو طاقة و جهد أعلى فيكون السريان طبيعيا متناسقا مع قوانين الطبيعة و لكن في النهاية لن تكون هنالك حرية مطلقة تماما الا في المسافة .
بالنسبة للحالة الثانية أفضل مثال يستحضرني هو الحوار الدار بين Andy Dufresne و Red في فيلم The Shawshank Redemption عندما كان يتحدث أندي عن الأمل :
المسافة في رأيي لتقليصها تحتاج الى الحريات العامة و حرية التعبير و خلافها في أكثر صورها طوباوية و لكن في هذه الحالة تكون قلصتها من الداخل الى الخارج بفتح المنافذ للداخل لكي يتحرك في الواقع ، الحالة الأخرى هي أن تقلصها من الخارج للداخل و لكن في هذه الحالة يتم الأمر بغلق المنافذ و الضغط من الخارج للداخل ، بالقمع و الكبت و السجن و التلاعب بالطبيعة البيولوجية للدماغ و خلافه ، كأفعال مضادة للحرية ، في الحالتين يتم تقليص المسافة ، و لكن في نهاية الأمر ، المسافة باقية و هي الحرية المطلقة فمهما فتحت المنافذ كما في الحالة الأولى فستوجد أشياء لا يمكن التعبير عنها و ستوجد تعارضات مع مسافات الآخر و طبيعة المساومات و تقبل انصاف الحلول التي تحكم الخارج أو الواقع ففي أسمى الحالات ستبقى المسافة موجودة لتحفظ بعضا من ما في الداخل ، و في الحالة الأخرى مهما بلغ القمع و الظلم و الاستبداد فستبقى مساحة لن يأخذوها منك هي المسافة المتبقية التي لا يستطيعون مهما فعلوا أن يكسروها .
للتوضيح أكثر للحالة الأولى يستحضرني كلام الاستاذ محمود محمد طه و هنا أقتبس منه : " ولا يمكن أن يبلغ الفـرد الحرية الفردية المطلقة وهو منقسم على نفسه ، وبعضه حرب على بعض . بل لا بد له من اعادة الوحدة إلى بنيته ، حتى يكون في سلام مع نفسه ، قبل أن يحاول أن يكون في سلام مع الآخرين ، فإن فاقد الشئ لا يعطيه . وهو إنما يكون في سلام مع نفسه حين لا يكون العقل الواعي في تضاد، وتعارض مع العقل الباطن ، ويومئذ تتحقق سلامة القلب ، وصفاء الفكر . وبعبارة أخرى ، تتحقق حياة الفكر ، وحياة الشعور ، وتلك هي الحياة العليا .. وتوحيد القوى المودعة في البنية إنما يتم بأن يفكر الإنسان كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول" . و في هذه الحالة يتحرك الانسان نحو تقليص المسافة متحركا من الداخل للخارج و هو الأمر الأسهل في حالة كون الخارج متيحا للحرية أو أن الداخل ذو طاقة و جهد أعلى فيكون السريان طبيعيا متناسقا مع قوانين الطبيعة و لكن في النهاية لن تكون هنالك حرية مطلقة تماما الا في المسافة .
بالنسبة للحالة الثانية أفضل مثال يستحضرني هو الحوار الدار بين Andy Dufresne و Red في فيلم The Shawshank Redemption عندما كان يتحدث أندي عن الأمل :
Andy Dufresne:
That's the beauty of music. They can't get that from you... Haven't you ever felt that way about music ?
Red:
I played a mean harmonica as a younger man. Lost interest in it though. Didn't make much sense in here.
Andy Dufresne:
Here's where it makes the most sense. You need it so you don't forget.
Red:
Forget ?!
Andy Dufresne:
Forget that... there are places in this world that aren't made out of
stone. That there's something inside... that they can't get to, that
they can't touch. That's yours.
Red:
What're you talking about ?
Andy Dufresne:
Hope.
أندي يوضح الفكرة بصورة متميزة يوضح المسافة بين الداخل و الخارج المادي و يوضح أن المسافة تحمي الداخل ضدهم فقط عليك التذكر و تربية الأمل كما يقول محمود درويش في أحد أبياته :
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعلُ العاطلونَ عنِ العمَلْ:
نُرَبِّي الأمَلْ.
نُرَبِّي الأمَلْ.
ما يهمنا هنا هو الجزئية المتعلقة بالأمل فالأمل هو من بعض مافي الداخل بعض من الأشياء التي لا يستطيع الخارج كسرها أو جعل المسافة تتلاشى ، الأمل جزء من الأشياء التي لا يمكن أخذها منك ، فالمسافة و الحرية المطلقة توجد في هذه المسافة فقط المسافة بين الداخل و الخارج ان صح التعبير .و هنا أعود لأقتبس بعضا من كلمات Red التي تعبر عن مفهوم الحرية الذي علمه له Andy .
Red: [narrating] I have no idea to this day what those two Italian ladies were singing about. Truth is, I don't want to know. Some things are best left unsaid. I'd like to think they were singing about something so beautiful, it can't be expressed in words, and makes your heart ache because of it. I tell you, those voices soared higher and farther than anybody in a gray place dares to dream. It was like some beautiful bird flapped into our drab little cage and made those walls dissolve away, and for the briefest of moments, every last man in Shawshank felt free.
...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق