السبت، 7 مارس 2015

عادات و مسميات سودانية و أصولها التاريخية

الجرتق : عادة سودانية و طقس أساسي من طقوس الزواج السوداني عمرها حوالي 2000 سنة ، وجدت صورة منقوشة على خاتم الملكة أماناشخيتو تصور الجرتق .
  • الجرتق يستخدم لحماية الزوجين من الأرواح الشريرة أو لتفاؤل الخصوبة لينتج الزواج أطفال أصحاء ، لينتج رخاء  في الأسرة الجديدة.
  • الحماية تكون من الأرواح الشريرة اذ يخشى منها أن تتسبب فيما يعرف بالكبسة ، و التي قد تصيب الزوجين العقم أو الأمراض النفسية.
مغادرة المرأة الحامل بيت زوجها و عودتها الى بيت أبويها و بقائها هنالك الى حين ولادة طفلها و فطامه :
  • هذه العادة تعود الى فترة الفونج ، أو ما قبله ، كانت تغادر الأميرة الفونجية المتزوجة من حاكم اقليمي تابع الى قصر السلطان.
  • الأبناء الذكور للأميرات الفونجيات يطلق عليهم لقب "القواويد" و ينشّأون في القصر و يكونوا في منزلة الرهائن لضمان سلوك آبائهم.
 ثقافة  تفضيل الأجانب أو "الخواجات" : 
  • تعود مسألة التفضيل للأجانب الى سنار و ما تلاها من فترتي الاستعمار ، الأجانب في سنار كانوا من التجار لذا اطلق عليهم "خواجات".
  • لفظ  "خوّاجات" يعني في اللهجة المحلية للفونج كبار التجار ، كانوا يوضعون تحت رعاية عدد من كبار رجال البلاط.
  • يظهر الوضع التفضيلي للخوّاجات في القانون العرفي للفونج و الذي ينص على أن عقوبة الاعتداء على الخوّاجة أربعة أمثالها على الرعايا .
الجلابة
  •  "الجلابة" و الجلابي يعني : التاجر المتجول ذو الامكانات المحدودة ، أطلق على المهاجرين الشماليين الى المناطق جنوب سنار ، خلال الحكم التركي. 
  •  لقي لقب الجلابة القبول لدى هؤلاء المهاجرين و الذي كان نشاطهم نشاطا تجاريا مشروعا و امتدادا جنوبيا لأنماط التجارة البرجوازية شمال سنار .    
سيادة المقطع (آب) في أسماء المجموعات السكانية ، هو مقطع يسود وسط قبائل البجة :
  • يرجع هذا المقطع الى العنج (الأنج أو البلو ) و هم فرع من البجة حكم الجزء الشمالي و الشرقي للسودان .
  • موطنهم الأصلي منطقة التاكا، توسعوا حتى سيطروا على مملكة الابواب التابعة لمملكة علوة أي من منطقة الشايقية شمالا حتى سوبا جنوبا.
  • سوبا كانت عاصمة مملكة علوة ، لكنهم بعد اسقاطها لم يتوجهوا جنوبا أو غربا لذا نلاحظ سيادة المقطع آب من لغة البجة في هذه المناطق.
  • المقطع يعود الى أسلوب الحكم الذي استخدمه العنج حيث كانوا يعتمدون التقسيم السكاني في شكل عشائر و مجموعات لا التقسيم الجغرافي.
  • هذا النظام الذي فرضه العنج لم يكن نظاما قبليا يعتمد على القرابة أو طريقة تكوين قبائل محددة العنصر لكن كان نظاما لادارة السكان.
  • فمثلا منطقة الرباطاب كانت خليطا من أجناس شتى أطلق عليها جميعا  اسم الرباطاب ما دامت تعيش في المنطقة و كذلك الميرافاب.
  • هذا النظام الاداري للعنج كان يهتم بفائض الانتاج لتلك المناطق ، حيث يقسمها الى تجمعات سكانية و يستفيد من انتاجها بفرض الرسوم.
" سوط العنج " : 
  • و قد عرفنا من هم العنج ، أُحتفظ به في تراث المنطقة و هو من طقوس الزواج التي تشابه مراسم تنصيب الملوك ك"الجرتق" حيث دائما ما يشبه العريس بالملك ، حيث يحمل السوط و السيف .
  • يمكث العريس أو المختون 40 يوما لا يخرج و في الأربعين لا بد من غطاء للرأس و حمل السوط و السيف و اذا خرج لأي غرض يحمل السوط.
  • مد السوط ، حيث يخرج العريس أو المختون في اليوم السابع و يزور البيوت و ينقر على الجدار بالسوط و يقول "مدينا السوط"  فتعطى له هدية.
  • و هذه العادات التي تستخدم سوط العنج تعود للعنج و يقال أن باقيهم هم الحلنقة الحاليين حيث احتفظوا بقيمة خاصة للسوط في طقوسهم.
الشبال : و هو رقصة للفتيات في مناسابات الزواج و الأفراح عموما.
  •  و هو ان تتقدم الشابة نحو الشاب  ومع نغمات الدلوكة تميل برقبتها لتضع شعرها بالكامل على صدره ، غالبا يكون الشاب هو العريس.
  • الشبال كرقصة و طقس أصله يعود الى البجة و حتى لفظ شبال من مفردات اللغة التبداوية (لغة البجة ).
دق النحاس :  القرع على طبول مصنوعة من النحاس و مغطاة بجلد التيتل في الغالب ، و تحضر من الدندر.
  • في قرّي عاصمة العبدلاب التابعة للفونج كان يقرع كل ليلة مصاحبا للاحتفال في مجلس مانجل العبدلاب (شيخ قرّي) حسب الرحالة كرمب.
  • ورث الجعليين هذه العادة أيضا فهم يقرعون النحاس للحرب و السلم واشتهر النحاس عندهم بأسماء مكوكهم كنحاس السعداب و نحاس المك(نمر).
  • بعض أنواع الضربات ،الضربة التقيلة: الكبدة كبدة (ألبل) معروكة بي فلفل عبد الله مقدمكم شردماً يشرتمكم والمقصود عبد الله جماع و هو جد العبدلاب.
  • نحاس العسيلات يقول:  ماني قرْبِيْ قصوا دربي  شوفي ضربي
     ومعناه أنهم لم يتربوا بمال الربا.
  • نحاس الحمر يقول:  نحاس منهم بضربْ بِندلْ  ما بِقتل بِزمَّلْ  ، و نحاس الحزب الشيوعي : ماك الوليد العاق لا خنت لا سراق.
  • من النحاس أيضا نحاس الشكرية في القضارف ، و تدور حوله الكثير من الأساطير ، كونه يتم تجليده من جلد الانسان.
  • نحاس الشكرية عند تجليده يتم في طقوس خاصة و يحضر الجميع المناسبة و مشهور عند طرقه ب " بياكلكم بكملكم ، بياكلكم بكملكم ".
  • يتم التعامل مع النحاس ليس على أساس أنه طبل يطرق فقط ، فتحوم حوله أساطير كثيرة على أنه كائن حي ، يغضب و يحزن و يرضى.
  • فطن الانجليز لأهمية النحاس و طقوسه ، فهو يمثل رمز القبيلة و في حالات الحرب لكي تذل القبيلة الأخرى ، تقوم بأخذ نحاسها.
  • استغل الانجليز هذا الأمر و أخذوا يقومون بنزع نحاس بعض القبائل و السماح لقبائل أخرى باستعماله ، تحت مفهوم عدم الأمن المؤسسي.

    بعض ما ورد أعلاه من مواقع الكترونية و منتديات و لكن الغالب مأخوذ من كتب عن تاريخ السودان
    *حديث د.أحمد المعتصم الشيخ في Tedx Khartoum .
    *عصر البطولة في سنار - جاي سبولدينق ، ترجمة د.أحمد المعتصم الشيخ .
    *دراسات في تاريخ السودان العصر الوسيط 1 مملكة علوة و 2 مملكة الأبواب المسيحية ، د.أحمد المعتصم الشيخ
    .

الجمعة، 6 مارس 2015

الحرية

العنوان قد لا يعكس ما في الكتاب كما تعودنا أو كما يقول المثل " الجواب باين من عنوانه " و لكن هو كما  يقال على النقيض تماما كما في الحكمة : لا تحكم على الكتاب من غلافه. 
   لا أريد التحدث عن الحرية في المفهوم العام أو الحرية في الدولة  أو حرية التعبير و المعتقد الخ ، لا  فما أريده هنا مجرد تأمل أو خاطرة في أن الحرية موجودة في المسافة الفاصلة بين الوعي و الادراك و التفكير ، ما يجول في خاطرك و بين الواقع و المواد و الحياة كما نراها ، و حتى الأخيرة أصبحت مثار نقاش واسع في الأيام القليلة الماضية مع حادثة الفستان الأخيرة ، هذه المسافة حيرت الفلاسفة و مثار جدل واسع ، و نقاشات مكثفة ، فمثلا البوذية تشير الى الوصل بين هذه المسافة عن طريق التأمل و الوصول الى النيرفانا ، و لكن كما انتقدها سلافوي زيزيك ، أن النيرفانا ليست في الواقع مكانا آخر و لكنها هنا على هذه الأرض و دعى في نهاية حديثه الى أنه يجب علينا في نهاية الأمر أن نتقبل المسافة "Accept the gap".

المسافة في رأيي لتقليصها تحتاج الى الحريات العامة و حرية التعبير و خلافها في أكثر صورها طوباوية و لكن في هذه الحالة تكون قلصتها من الداخل الى الخارج بفتح المنافذ للداخل لكي يتحرك في الواقع ، الحالة الأخرى هي أن تقلصها من الخارج للداخل و لكن في هذه الحالة يتم الأمر بغلق المنافذ و الضغط من الخارج للداخل ، بالقمع و الكبت و السجن و التلاعب بالطبيعة البيولوجية للدماغ و خلافه ، كأفعال مضادة للحرية ، في الحالتين يتم تقليص المسافة ، و لكن في نهاية الأمر ، المسافة باقية و هي الحرية المطلقة فمهما فتحت المنافذ كما في الحالة الأولى فستوجد أشياء لا يمكن التعبير عنها و ستوجد تعارضات مع مسافات الآخر و طبيعة المساومات و تقبل انصاف الحلول التي تحكم الخارج أو الواقع ففي أسمى الحالات ستبقى المسافة موجودة لتحفظ بعضا من ما في الداخل ، و في الحالة الأخرى مهما بلغ القمع و الظلم و الاستبداد فستبقى مساحة لن يأخذوها منك هي المسافة المتبقية التي لا يستطيعون مهما فعلوا أن يكسروها .

    للتوضيح أكثر للحالة الأولى يستحضرني كلام الاستاذ محمود محمد طه و هنا أقتبس منه : "
ولا يمكن أن يبلغ الفـرد الحرية الفردية المطلقة وهو منقسم على نفسه ، وبعضه حرب على بعض . بل لا بد له من اعادة الوحدة إلى بنيته ، حتى يكون في سلام مع نفسه ، قبل أن يحاول أن يكون في سلام مع الآخرين ، فإن فاقد الشئ لا يعطيه . وهو إنما يكون في سلام مع نفسه حين لا يكون العقل الواعي في تضاد، وتعارض مع العقل الباطن ، ويومئذ تتحقق سلامة القلب ، وصفاء الفكر . وبعبارة أخرى ، تتحقق حياة الفكر ، وحياة الشعور ، وتلك هي الحياة العليا .. وتوحيد القوى المودعة في البنية إنما يتم بأن يفكر الإنسان كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول" . و في هذه الحالة يتحرك الانسان نحو تقليص المسافة متحركا من الداخل للخارج و هو الأمر الأسهل في حالة كون الخارج متيحا للحرية أو أن الداخل ذو طاقة و جهد أعلى فيكون السريان طبيعيا متناسقا مع قوانين الطبيعة و لكن في النهاية لن تكون هنالك حرية مطلقة تماما الا في المسافة .

     بالنسبة للحالة الثانية  أفضل مثال يستحضرني هو الحوار الدار بين
 Andy Dufresne و Red في فيلم The Shawshank Redemption عندما كان يتحدث أندي عن الأمل :

Andy Dufresne: That's the beauty of music. They can't get that from you... Haven't you ever felt that way about music ? 
Red: I played a mean harmonica as a younger man. Lost interest in it though. Didn't make much sense in here.
Andy Dufresne: Here's where it makes the most sense. You need it so you don't forget.
Red: Forget ?!  
Andy Dufresne: Forget that... there are places in this world that aren't made out of stone. That there's something inside... that they can't get to, that they can't touch. That's yours. 
Red: What're you talking about ?
Andy Dufresne: Hope.

                                                                                                                           أندي يوضح الفكرة بصورة متميزة يوضح المسافة بين الداخل و الخارج المادي و يوضح أن المسافة تحمي الداخل ضدهم فقط عليك التذكر و تربية الأمل كما يقول محمود درويش في أحد أبياته : 
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
 وما يفعلُ العاطلونَ عنِ العمَلْ:
نُرَبِّي الأمَلْ.


   ما يهمنا هنا هو الجزئية المتعلقة بالأمل فالأمل هو من بعض مافي الداخل بعض من الأشياء التي لا يستطيع الخارج كسرها أو جعل المسافة تتلاشى ، الأمل جزء من الأشياء التي لا يمكن أخذها منك ، فالمسافة و الحرية المطلقة توجد في هذه المسافة فقط المسافة بين الداخل و الخارج ان صح التعبير .و هنا أعود لأقتبس بعضا من كلمات Red التي تعبر عن مفهوم الحرية الذي علمه له Andy .


Red: [narrating] I have no idea to this day what those two Italian ladies were singing about. Truth is, I don't want to know. Some things are best left unsaid. I'd like to think they were singing about something so beautiful, it can't be expressed in words, and makes your heart ache because of it. I tell you, those voices soared higher and farther than anybody in a gray place dares to dream. It was like some beautiful bird flapped into our drab little cage and made those walls dissolve away, and for the briefest of moments, every last man in Shawshank felt free.


...