الأربعاء، 25 فبراير 2015

صديقتي النبيلة

لطالما أعجبت كثيرا بكتاب الطيب صالح منسي انسان نادر على طريقته و كنت أتسائل هل يا ترى سأحظى بصديق من هذا النوع النادر على طريقته و كلما مر الوقت و حظيت بصديق جديد كنت أبحث و أصنفه على أنه منسي ان قابل بعضا من تلك الصفات ، و لكن مع مرور الزمن و في وقت قريب و غريب التقيت بصديقة من العالم الافتراضي تحمل صفات الجدية و الفكر و الفلسفة و الثقافة ، أعجبت كثيرا بكتاباتها و آرائها ، و عندما أتيحت لي الفرصة للقائها لم أرفض على الرغم من الوضع النفسي السيء الذي كنت أمر به في تلك الأيام ، و في ثواني تكسرت كل تلك الافتراضات أمام واقع لا تملك سوى القبول لسحره ، نعم انه منسي بل هي في شخصية منسي أم منسي في شخصيتها هي ، في لحظات تنقلك من الدهشة الى الاعجاب بالشخصية المليئة بالمتناقضات المولدة للحركة و التفكير ، موسوعية المعلومات المندمجة في الأفعال و الواقع المحيط بسلاسة مدهشة و خليط مثير للاعجاب ، قد كتبت مسبقا عن أن للفكرة ثلاثة مستويات مستوى النظرية و مستوى الفهم و مستوى التطبيق و لكن عند صديقتي أكاد أجزم أن الثلاث مستويات و التنقل بينهم في تناغم و يسر يجعلك تحس أنها تسبح في فضاء الأفكار لا تزحف مثلنا بين المستويات ، الحواجز عندها وهمية ، ذكية حد العبقرية فهي تجعل الأيدلوجيا و الملاججة و اللواجة بلا عمل كما وصفها حميد ، عملا واقعا ماثلا أمامك فهي أيدولوجيا متحركة ، هي أيدلوجيتها الخاصة هي لوحدها أيدولوجيا ، غريبة على المجتمع منصهرة في تفاصيله الدقيقة ، سودانية جدا و لكنها عصية على التصنيف ، فهي خفيفة محلقة في أرواح المعارف و الأصدقاء ، لها ابتسامة تحمل المفتاح نحو القلوب ، و هنا قصة أخرى ، فهي بالاضافة لما أسلفت ، طبيبة للقلوب ، تحمل مشرطا و خيطا و مطهر ، تعمل في هدوء كنحات أحب زوجته و أراد أن يخلدها على الجدار ، بلا ملل تمتص السلبية و الألم و تطبب الجروح و تخيطها و تسهر مع القلوب حتى يكتمل شفاءها و تتعلم المشي من جديد و تخرج للشمس في صحة كاملة ، حينها تكون القلوب قد أحبتها ، ليس ذلك الحب دوما و لكن حب المريض لطبيبته التي اهتمت به و أعانته على النهوض من محنته ، ثم ككل الأبطال الاسطوريين و كل الزعماء النبلاء ، تترك مقعدها و تحلق فهي للطريق و هي منسي فهي انسانة نادرة على طريقتها ، مهما اختلفت معها في الرأي فلا تملك الا الاعجاب بما تفعل حتى و ان كنت تعارضه فتجبرك على الاستسلام لها ، فهي تملك جزءا من قلبك خاطت جرحك و سهرت على شفائك ، راقبت ضرباته و ألهمته الشفاء ، مارست عليه الضحك حتى يقوى على السير و التحليق مرة أخرى ، روحا جديدة تدب في أوصاله الآن ، فهل ينسى الجميل ؟؟ ، هي تسكن القلوب و سكان القلوب لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

قال الطيب صالح " الحياة يا محيميد ما فيها غير حاجتين اثنين.. الصداقة والمحبة.. لا مال ولا جاه.. ابن آدم إذا ترك الدنيا وعندو ثقة إنسان واحد يكون كسبان وانا المولى عز وجل اكرمني بالحيل . انعم علي بدل النعمة نعمتين .. اداني صداقة محجوب وحب فاطمة بت جبر الدار . " و أنا ربنا أكرمني كمان بالحيل و أداني صداقتك .

الجميلات هن الصديقات ينفخن في الروح الشفاء ...

الخميس، 12 فبراير 2015

إن وهبني الله ملاكا


إن وهبني الله ملاكا
سأحملها في الليالي المظلمة و أقص عليها حكايا ما قبل النوم
عندما تبكي سأحملها و أغني لها حتى تنام
سأعلمها الموسيقى و القراءة
سأسهر معها في أيام امتحاناتها
سنذهب يوما عطلة الى باريس
سأعلمها قيادة الدراجة
يجب أن تكون قوية لتواجه الحياة
و لكني لا أدري هل أعلمها أن تحب الوطن أم لا
سأتركها تختار
نعم يجب أن تكون مستقلة
سأعلمها أن تحب الناس
لابد أن أكسر عندها وهم الآخر
سأخبرها أننا منافقون نحن البشر نكذب لنعيش
سأعلمها أن تحب بجنون
سأعلمها أن تقرأ ، تقرأ بعمق أن تحس ما تقرأ
سنتجادل كثيرا ، حتى ترتقي
لن أقهر عقلها
يجب أن تكون ديالكتية كما كل الأطفال
قبل أن يحجمهم المجتمع
سنذهب للسينما معا
سنقرأ الشعر
ربما تصبح شاعرة يوما ما
أو ربما لا ، هي من ستقرر
ربما لديها مخططات أخرى
و لكني سأحبها جدا
ربما سنسهر يوما على أغاني أم كلثوم
سأحكي لها عن الماضي
و ستعلمني الحاضر و نمضي سويا للمستقبل
أو تمضي هي ، فلقد حصلت على مستقبلي معها
ان وهبني الله ملاكا سأبني لها حلما و أعلمها الطيران
حتى و ان كان ذلك يعني أن تتركني و ترحل
ستكون مثل النوارس
و سأكون لها رمال الشواطيء
متى ما أرادت العودة فالشاطئ لا يرحل
ستدرس ما تحب
و ستحب ما تدرس
لا أدري من تكون و ما ستكون
و لكني
سأكون دوما فخورا بها

....