الخميس، 17 أكتوبر 2013

"أحبك الى الأبد ،خذني اليك"





  • كانا زوجين في الثمانين من العمر ، عاشا طويلا ، مرا بالكثير من التجارب ، الزمن رسم تقاسيم عذاباتهما على جلدهما ، ابتسم لها فابتسمت انها حياة .
  • نهض من كرسيه حاملا كتابه و نظارة قرائته سميكة العدسات ، و مد لها يده قائلا ، عزيزتي قد حان موعد نومنا ، قامت برفق الى يده راسمة ابتسامتها .
  • المثير للدهشة ، أنه كان يرى ابتسامتها على الرغم من أن عضلات الوجه توقفت عن رسم التعابير منذ زمن و لكنها العشرة ، الحب الخالد لا يقتله الزمن .
     
  • يقوم كل صباح ليسقي الأشجار في الحديقة الخلفية بينما تهم هي لاعداد الفطور ، لم يعد الفطور الا كوب حليب دافئ و قطعة خبز مدهونة بمربى الجزر.
    يدخل حاملا جريدته اليومية و يبدو منهكا فلم يعد قويا كالسابق ، ربما لم تشيخ روحه و لكن جسده طعن في السن و شاب شعر يده قبل رأسه.
     
  • يجلسا على طاولة المطبخ و يتجاذبان أطراف الحديث عن ذكرياتهما معا ، لا يملان بعضهما البعض ، انهما معجزة ، مرت قرابة الخمسون عاما على زواجهما.
     
  • ذات أمسية ، و بعد أن أكمل كتابه و هي تطالعه ، كأنها تراه للوهلة الاولى ، تتفقده كشخص جديد ، مع أن تقاسيمه محفورة في قلبها قبل ذاكرتها.
     
  • كان جميلا جدا في ذلك اليوم ، مشعا ، تذكرت لقائهما الأول في مكتبة عامة ، عندما أسقطت كتبها عند اصطدامها به ، تذكرت صراخها و بروده.
     
  • شاب يرتدي نظارات ممسك بكتابين للأدب الانجليزي ، تذكرت ابتسامته و هو يطالعها و هي تصرخ عليه و تسبه و ضحكت على حس تلك الذكرى.
     
  • تذكرت كلماته الرقيقة التي اعتذر بها و هو يجمع كتبها من على الارض و كيف امتص غضبها ، عشقته منذ تلك اللحظة كان يعرف كيف يمتص انفعالاتها.
     
  • أعجبتها روحه قبل شكله و تقاسيمه ، كان شابا وسيما نحيلا نوعا ما كأغلب شباب جيله ، كانت له كدمة تقسم حاجبه الأيسر الى نصفين.
     
  • افترقا دون أن يأخذ عنوانها و لكنه ظل يتردد على المكتبة يوميا لمدة شهر في نفس المواعيد فقط ليراها مرة أخرى ، كانت قصة تقليدية حد التميز.
     
  • و مر عليها شريط الذكريات سريعا ، زواجهما ، مولودهما الأول ، مناقشة رسالة الدكتوراة لهما معا،كل هذا أصبح لا يهم ، لا يهم سوى تألقه تلك الليلة.
     
  • فرحت به كأنه عاد بهما الزمن الى ذلك الوقت ، قامت لتعد له كوبا من حليب ، ذهبت الى المطبخ و عادت اليه فنادته و لكن على غير العادة تجاهلها.
     
  • لم يتجاهلها منذ اصطدامه بها في ذلك اليوم ، لم يتجاهله طيلة سنوات زواجهما الاسطوري ، حزنت حزنا شديدا ، تحول مع مرور الثواني الى غضب.
     
  • وضعت الكوب فوق الطاولة و همت اليه لتوبخه ، ربما فقط اشتاقت أن يمتص غضبها و يجعلها تضحك ، تلك كانت لعبته التي يتقنها أيما اتقان .
     
  • عندما لم يرد ، ارتفعت ضربات قلبها ، هرعت اليه ، سقط الكتاب و النظارة و سقط من يده قلم و ورقة ، كتب عليها " أحبك الى الأب..." .
     
  • انفطر قلبها ، لم تتخيل هذا اليوم ، كانت تدعوا أن يرحلا معا ، هاتفت أبنتها بالفاجعة ، أمسكت الورقة و كتبت ، " خذني اليك ".
     
  • نامت في حضنه و الدموع تنزل من عينها و فجأة أحست بسكون عميق ... ، طرق عنيف على الباب ، كسر و ضوضاء و بكاء و دهشة و ذهول ، كانت المعجزة ...
  • وجدت السيدة العجوز ميتة في حضنه ،نعم أجيبت صلواتها ، لم يرحل دونها ، أخذها اليه ،دفنا تحت شجرة و كتب علي قبريهما "أحبك الى الأبد ،خذني اليك" .